إسكان المعرفة

كجزء من التزامنا بتعزيز معارفك، نقدم لك ضمن قسم اسكان المعرفة الذي يعتبر بمثابة بوابة تثقيفية وإرشادية، رؤى شاملة ومعلومات قيمة حول القطاع المصرفي ومستجداته وكل ما يتعلق بقضاياه المختلفة، محلياً وعالمياً، من خلال المحتوى المتنوع والغني الذي قد يهمك.
استكشف وتعلم وعزز معرفتك مع اسكان المعرفة.

الاثنين ٢٩ أبريل ٢٠٢٤

آفاق التحول الرقمي في القطاع المصرفي

digital-transformation-brings-forth-positive-change-ar.png


شهد القطاع المصرفي تحولاً في السنوات الماضية؛ بفعل التطوير الذي أجرته مؤسساته في نماذج الأعمال، بعد تعاظم استخدامها للتكنولوجيا التي أحدثت لديها تغييرات عميقة في أوجه العمليات الإدارية والمصرفية والمالية، والتي زادت جائحة كوفيد-19 من توجه المزودين والعملاء نحوها ونحو أدواتها.

قدر إجمالي المبالغ المستثمرة من البنوك والمؤسسات المالية الأردنية في تكنولوجيا المعلومات بنحو 151.491 مليون دينار حتى نهاية عام 2020 بارتفاع بنسبة 107% مقابل 73.139 مليون دينار في عام 2011 بحسب مجلة Business Perspective، وهي النسبة التي واصلت ارتفاعها في السنوات التالية.

وبناء على نتائج هذه الاستثمارات التقدمية، استطاع القطاع المصرفي برغم التحديات التي ألقت بظلالها على العالم، أن يحافظ على استدامته ومتانته المالية المدعومة بإجراءات تنظيمية كفؤة، مسهماً في نهاية عام 2023 بنسبة وصلت إلى 8% من الناتج المحلي، ومؤدياً دوراً محورياً في الاقتصاد الأردني الذي بات يرتكز على البنوك التي تشكل أكثر من 97% من القطاع المالي، والتي تعد وسطاً مزدهراً في المنطقة، وقوة دافعة لسوق العمل بخلق المزيد من الوظائف، وبحسب موقع Statista للإحصائيات العالمية كذلك، فإن نمو السوق المصرفية المحلية يقدر بنسبة 5.12% بين الأعوام 2024-2028، وبحجم يقدر بنحو 2.5 مليار دولار في عام 2028.

وأيضاً عن موقع Statista للإحصائيات العالمية،  فإن التوقعات في الأردن للعام 2024، تشير لزيادة في معدل كل من انتشار الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وبطاقات الائتمان، والحسابات المصرفية، فضلاً عن بطاقات الدفع المباشر، وهو ما يعني نسبة تغطية أكبر في الشمول المالي.

تسجيل هذه الأرقام لم يأت بعصا سحرية؛ بل كان ثمرة لمزيج من المرونة التشغيلية والقيادة الرقمية القائمة على نهج التحول الرقمي، وهو الذي كانت البنوك الأردنية من السباقة بتبنيه، والذي يُفسَّره الخبراء على أنه برنامج شمولي تتواءم ضمنه تقنية المعلومات واستراتيجيات الأعمال، فيرتقي بالأنظمة البنكية والبنى التحتية التقنية، ويطال دعائم الأعمال.

ويتيح التحول الرقمي إمكانيات متكاملة تثري ما يقدَّم للعملاء وترتقي بتجربتهم في إطار من السرعة والسهولة والمرونة والعصرية، كما تعزز كفاءة الأداء والشفافية والمساءلة، وتزيد القدرة التنافسية، فترفع الحصة السوقية مع تنويع مصادر الدخل، بالتوازي مع الإدارة الفعالة للتكاليف والمخاطر والامتثال وحماية البيانات.

بنك الإسكان، كان له نصيب كبير من الارتقاء في منظومة القطاع المصرفي؛ لجهوده الابتكارية والاستثمارية ضمن مسيرته للتحول الرقمي، مع مشاريع ومبادرات وظف معها أحدث التكنولوجيات، بما فيها إنترنت الأشياء، وغيرها.

من هذه الجهود على سبيل المثال: عمل البنك على إعادة تصميم البنية التحتية التكنولوجية، وهندسة العمليات وأتمتها، وتبسيط الإجراءات، سعياً منه نحو توفير كافة الاحتياجات البنكية لعملائه. كما تم العمل على تطوير منظومات تحليل البيانات وتوظيفها على نحو أفضل، وتعزيز القنوات والتطبيقات الإلكترونية مثل الموقع الإلكتروني والتطبيق البنكي، وإعادة هيكلة الحلول والخدمات والمنتجات وتوفير الرقمية منها، وتحسين جودة القائم منها وجعلها قابلة للتخصيص، وصولاً لتعزيز ما يتم تقديمه بسلاسة ضمن الروتين اليومي للعملاء، لتلبية الاحتياجات المستجدة لشرائح أكبر منهم، وبما يتناسب مع تغيرات السلوك الإنساني بفعل متغيرات الساحة العالمية، بالتركيز على الشباب. كما تم إطلاق الـ Digital Hub الذي يتولى المبادرات الخاصة بالتحول الرقمي والأتمتة في ظل الربط المتزايد مع شركات التكنولوجيا والخدمات المالية داخل وخارج الأردن. وكمحصلة لتنفيذ مشاريعه ومبادراته الريادية، فقد قطع بنك الإسكان شوطاً كبيراً نحو تحقيق أهداف استراتيجيته الرقمية، مع تسجيل العديد من الإنجازات ونيل الجوائز والإشادات للتميز والأسبقية في مجالات عدة.

ولعل أبرز ما قام به البنك في هذا تمثل في إطلاق  خدمة Iskan Chat، وافتتاح فرعه العصري "Iskan Young" المخصص للفئة العمرية بين 7-17 عاماً والمتماشي مع عالم التكنولوجيا المصرفية، والفرع الرقمي للخدمات الذاتية "Iskan Engage"، بالإضافة إلى إطلاق موقعه الافتراضي ضمن منصتي الميتافيرس الشهيرتين "Decentraland" و"Spatial"، ليكون أول بنك يدخل عالم الميتافيرس في المملكة، ومن بين أوائل البنوك في المنطقة التي تتبنى هذه التكنولوجيا.

التساؤل هنا، هل وصل التطوير المصرفي بالاستناد للتكنولوجيا ذروته؟ المؤشرات تدل على أن موجات من ابتكارات التكنولوجيا المالية والمصرفية تلوح في الأفق، حيث التوجه يمضي نحو البنوك الافتراضية، التي باتت ظاهرة عالمية متنامية، والتي بلغ عدد عملائها في عام 2022 نحو 188 مليون عميل. وبالنظر إلى ميل البنوك الافتراضية في العديد من الأسواق للعمل كبنوك ثانوية نظراً للحاجة لتشريعات ناظمة لها، ولزيادة معرفة العملاء بها وتحفيزهم نحوها، فإن الفرصة السانحة ستتركز على إطلاق جيل جديد من الفروع المصرفية المزودة بأحدث الحلول التكنولوجية، وصولاً لإطلاق نماذج خدمات وتعاملات مالية وتجارية رقمية جديدة.

في الحالتين، تتمثل ملامح المرحلة القادمة بحلول عام 2030 في الخدمات المصرفية المفتوحة التي تركز على رحلة العميل، وتَعتبر أسلوب التفاعل المتطور خدمة بحد ذاتها، كما تعد بوابة لتوفير خدمات مالية مبتكرة وشديدة التخصيص لكل عميل على حدة حسب الاحتياج والتفضيل. كذلك، يتجه المستقبل لمنصات السلامة المالية التي تتيح الأدوات والموارد لإدارة الشؤون المالية والادخارية والاستثمارية، وللمزيد من الدمج للخدمات المالية في المنصات والتطبيقات غير المالية، مع مواصلة تبسيط المعاملات والتعاملات المالية عبر الحدود بالاستفادة من تقنية البلوك تشين، وتعزيز النظم البيئية التعاونية بين البنوك وشركات التقنية والتكنولوجيا المالية وغيرها من الجهات، لمزيد من الابتكار وتوسيع عروض المنتجات وتحسين تجارب العملاء.

عالمياً، وصل إجمالي الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات على الخدمات المصرفية والاستثمارية في العالم لنحو 652.1 مليار دولار في عام 2023، وفقاً لمؤسسة جارتنر، مقابل زيادة في الإنفاق على البرمجيات بنحو 13.5% في عام 2023. هذه الأرقام مرشحة للزيادة خلال العام الجاري والأعوام اللاحقة في دول العالم التي لا تعتبر المملكة استثناء منها، حيث ينظر للبنوكفيها لاستكمال مسيرتها نحو الاستدامة والتطور التقني كفرصة ذهبية للفرص الواعدة أمامها، ولقدرتها على دفع العجلة الاقتصادية.
العودة إلى إسكان المعرفة العودة إلى مقالات